فرنسا تعود لفرض الحجر الصحي اعتبارا من اليوم الجمعة
من جديد، سيخضع الفرنسيون، اعتبارا من اليوم الجمعة، لحجر صحي مدته أربعة أسابيع على الأقل، حتى وإن ظلت المدارس مفتوحة. فهذا الإجراء يفترض أن يبطئ وتيرة تفشي موجة جديدة من وباء فيروس كورونا، ذات درجة فتك غير مسبوق، لكن دون التضحية، هذه المرة، باقتصاد متضرر كثيرا جراء الأزمة الصحية.
فبعد عدة أيام من التخمينات، والتجاذبات والتشويق، جاء الحكم النهائي، أول أمس الأربعاء، من خلال إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن إعادة فرض حجر صحي لطالما خشيه الجميع، على اعتبار أن الإجراءات التي تم اتخاذها سابقا، بما في ذلك توسيع حظر التجول ليشمل 46 مليون مواطن، لم تثبت فعاليتها.
وفي الواقع، فإن وضع البلاد تحت غطاء الحجر انتهى بفرض نفسه على باقي السيناريوهات التي كانت قيد الدراسة، لاسيما فرض الحجر الجهوي أو خلال عطلة نهاية الأسبوع مقرونا بحظر التجول.
ومع ذلك، على عكس الحجر الذي تم فرضه لتطويق الموجة الأولى بين شهري مارس وماي، تمت بلورة الحجر الجديد بشكل مختلف قصد منح الأولوية للاقتصاد، فالعديد من القطاعات الاقتصادية، حيث لا يمكن اعتماد نمط العمل عن بعد، بوسعها مواصلة أنشطتها.
وفي خطابه ليوم الأربعاء، شدد السيد ماكرون على ضرورة السعي باستمرار إلى تحقيق “توازن عادل”، على اعتبار أنه، حسب قوله، “لا يوجد اقتصاد مزدهر في ظل وضع صحي متدهور”، لكن أيضا “ليست هناك منظومة صحية قادرة على الصمود في معزل عن وجود اقتصاد قوي يمولها”.
ووفق هذا المنظور -يضيف رئيس الجمهورية- “لا ينبغي أن يتوقف الاقتصاد أو أن ينهار”. ولهذه الغاية، فإن “النشاط سيستمر بكثافة أكبر”، مع استمرار تشغيل المصانع والاستغلاليات الفلاحية والمباني وأوراش الأشغال العمومية.
لهذا، دعا السيد ماكرون “في حدود إمكانيات كل فرد، إلى المشاركة في هذا الجهد من خلال العمل ودعم الشركات”.
وبالنسبة للموظفين والشركات التي أضعفها الوباء وحكم عليها بتعليق أنشطتها طوال مدة الحجر الصحي، تعهدت الحكومة بمواصلة دعمها، من خلال التعهد بتقديم مساعدات وازنة.
وفي هذا الصدد، أعلن وزير الاقتصاد والإنتعاش، برونو لومير، أمس الخميس، خلال ندوة صحفية إلى جانب رئيس الحكومة وعدد من أعضائها، عن إجراءات جديدة لدعم الشركات المتضررة جراء التقييد، لاسيما من خلال صندوق التضامن، والقروض المضمونة أو الإعفاء من المساهمات، وهي التدابير التي ستكلف نحو 15 مليار يورو في شهر واحد من الحجر الصحي.
وبالنظر إلى أنها تشكل “ضربة قاسية” للشركات التي أجبرت على إغلاق أبوابها، بما في ذلك حوالي 200 ألف متجرا، وعد الوزير بدعم اقتصادي أقوى مما كان عليه خلال فترة الحجر الأول.
من جانبه، قام رئيس الوزراء، جان كاستيكس، خلال هذه الندوة الصحفية، بشرح حيثيات هذا الحجر الصحي الجديد المفروض على كامل التراب الفرنسي، ابتداء من اليوم الجمعة وحتى فاتح دجنبر، باستثناء مقاطعات وأقاليم ما وراء البحار، “حيث ينتشر الفيروس بوتيرة أقل”.
لكن على عكس الحجر الأول، ستظل دور الحضانة، والمدارس، والإعداديات والمدارس الثانوية مفتوحة هذه المرة، مع بروتوكولات صحية صارمة، لاسيما ارتداء الكمامة الواقية بدءا من سن 6 سنوات. وكما كان عليه الحال في الربيع، يتيح الحجر الجديد للأشخاص مغادرة منازلهم لأسباب معينة إلى جانب التوفر على شهادة ترخص ذلك.
كما ستظل المتنزهات والحدائق والغابات والشواطئ مفتوحة، وكذا مكاتب البريد والأبناك. من جهة أخرى، سيتم إغلاق القاعات الرياضية، وصالات الألعاب، مع حظر الرياضات الجماعية في الهواء الطلق، مثل كرة القدم وكرة السلة والكرة المستطيلة.
بالإضافة إلى ذلك، ستظل الحدود الداخلية للفضاء الأوروبي مفتوحة، بينما سيتم إغلاق الحدود الخارجية، باستثناء حركة المواطنين الفرنسيين والمقيمين، شريطة إجراء الاختبارات اللازمة.
هكذا، ستصبح فرنسا واحدة من الدول أو المناطق الأوروبية الوحيدة إلى جانب إيرلندا وبلاد الغال، التي تختار فرض الحجر الصحي على مجموع ساكنتها. بينما اختارت بلدان أخرى بالقارة العجوز نهج حظر التجول أو فرض قيود جديدة.