الاحتجاجات تضع بنكيران أمام تحديات كبيرة
عرفت أحياء بلدة بني بوعياش شمال المغرب ليلة الأربعاء/الخميس مواجهات عنيفة بين محتجين وقوات الأمن، أسفرت عن سقوط جرحى واعتقالات في صفوف المحتجين وإضرام النار في محلات تجارية.
عرفت أحياء بلدة بني بوعياش شمال المغرب ليلة الأربعاء/الخميس مواجهات عنيفة بين محتجين وقوات الأمن، أسفرت عن سقوط جرحى واعتقالات في صفوف المحتجين وإضرام النار في محلات تجارية.
“المواجهات ما تزال مستمرة في بعض أزقة ودروب بني بوعياش” يقول شاهد عيان. وهذه ليست البؤرة المتوترة الوحيدة في المغرب، إذ هناك بؤر أخرى آخذة في التوسع وخاصة في الهوامش تضع حكومة عبد الإله بنكيران أمام المحك. استعادة “هيبة الدولة” ينبغي ألا تكون على حساب مكتسبات حقوق الإنسان، يؤكد أحد المراقبين.
مداهمات
بدأت المواجهات بعد منتصف ليلة الأربعاء 7 مارس حينما شرعت قوات الأمن “بمختلف تلاوينها” بوصف أحد شهود العيان في مداهمة أحياء بلدة بني بوعياش الواقعة جنوب مدينة الحسيمة (شمال). ويؤكد شاهد العيان نجيم حيدوش في اتصال مع إذاعة هولندا العالمية أن المواجهات الليلية التي استمرت حتى الصباح أسفرت عن سقوط جرحى فضلا عن الاعتقالات وإتلاف ممتلكات المواطنين:
“إلى حدود الساعة يقارب عدد المعتقلين 40 معتقلا، وسقط أيضا جرحى حيث شاهدنا ليلة البارحة مرارا وتكرارا سيارات الإسعاف التابعة للوقاية المدنية تنقل الجرحى إلى المستشفيات القريبة سواء في إمزورن أو الحسيمة. كما سجلت أضرار على مستوى الممتلكات الخاصة، حيث شب حريق في أحد المقاهي وإتلاف سيارات المواطنين وكسر أبواب عدد من المنازل بحثا عن بعض المحتجين الفارين، وهناك عائلات لا تعرف شيئا عن مصير أبنائها”.
معادلة صعبة
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في ما يسمى بـ “الهوامش المغربية” بعدما كانت تتركز بصفة واضحة في المدن الكبرى. ومن الملاحظ أنه بعد “استراحة” لم تدم طويلا في ظل الحكومة الجديدة، عادت قوات الأمن للتدخل بعنف ضد المحتجين مثلما وقع في مدينة تازة الجبلية مؤخرا ومدن أخرى في جنوب المغرب. فهل عادت الحكومة الجديدة التي يرأسها حزب إسلامي لطالما انتقد في الماضي مثل هذه الممارسات، إلى التعامل بذات الطريقة التي كانت تتعامل بها الحكومات السابقة؛ أي عملة المقاربة الأمنية؟
يرى الإعلامي المغربي عبد العزيز كوكاس أن الحكومة أمام معادلة صعبة: الحفاظ على هيبة الدولة وعدم المساس بالمكتسبات الحقوقية:
“الحكومة أمام معادلة صعبة، فهذه الاحتجاجات بسبب ما تراكم من فساد وبطالة وغيرها هي مطالب اجتماعية معقولة ومشروعة، لكنها ليست وليدة الحكومة اليوم ولا وليدة التدبير الزمني الحالي ولا يمكن الاعتقاد أن الحكومة الحالية تملك عصى سحرية قادرة على حل كل المشاكل (…) المعادلة الأساسية المطروحة أمام الحكومة الحالية هي: ألا يكون هناك زوغان حين محاولة استرجاع وفرض هيبة الدولة (…) يجب أن نحمي التظاهر السلمي باعتباره سلوكا مدنيا وجزءا من المواطنة ومن الدولة المدنية المستقرة، وألا ننزع نحو غريزة السلطة التي ترى هيبتها في قمع المتظاهرين”.
استفزازات
إلى جانب الضرب والمداهمات واستخدام خراطيم المياه ضد المحتجين، لجأت عناصر قوات الأمن لسلاح الشتم في محاولة منها للطعن في كرامة وشرف المواطنين. وهو أسلوب سبق للصحافة الوطنية أن استهجنته إبان المداهمات التي شهدتها أحياء مدينة تازة مؤخرا. فهل هي سياسة مقصودة أم “اجتهاد” خاص من قبل رجال الأمن. “أولاد الإسبان”، “أولاد العاهرات”، “عصاة سيدنا” (عصاة الملك) كل هذا يعد من ضمن الذخيرة التي تستخدم لاستفزاز المحتجين وتهييجهم.
غير أن هناك من يرى أن “أشكال” الاحتجاج مثل قطع الطرق العامة ومحاصرة المصالح الإدارية مما يحول دون قضاء حاجات المواطنين، هي بدورها تستفز السلطة. “هناك مطالب تخرج للتعبير عن نفسها كل أحد (…) وهناك حركة المعطلين تملأ الشوارع يوميا في كل الجهات وتحتل مؤسسات عمومية، لكن للدولة هيبتها أيضا. لا يمكن تعطيل مصالح المواطنين (…) يجب ألا تضر حقوق بحقوق أخرى”، يؤكد عبد العزيز كوكاس. هي أشكال قد “نختلف عليها”، يقول نجيم حيدوش ولكنها لا تبرر هذا التدخل العنيف:
“منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في بني بوعياش، لم نشهد مواجهة بين قوى الأمن وبين والمحتجين إلا ليلة البارحة (….) وربما نختلف في الصيغ والأشكال النضالية وربما هناك أساليب لا ترقى إلى مستوى المواطنين ولكن بالمقابل ينبغي الإنصات لمطالب الناس”.
تقرير: محمد أمزيان / اذاعة هولندا العالمية*
* تـُنشر هذه المادة في إطار الشراكة المعقودة بين المجلة الإلكترونية طنجة نيوز والقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية.