هاهوما بانــــــــو
يحلو لأحد أصدقائنا أن يقول هذه الجملة كلما شاهد أرقام سيارات جاليتنا بالخارج وقد بدأت تتكاثر، أو شاهد السيارات التي تحمل فوق سطوحها متاعا مربوطا بإحكام يعتبر هو كل الغنيمة التي يحملها مهاجرونا معهم عند العودة.
يحلو لأحد أصدقائنا أن يقول هذه الجملة كلما شاهد أرقام سيارات جاليتنا بالخارج وقد بدأت تتكاثر، أو شاهد السيارات التي تحمل فوق سطوحها متاعا مربوطا بإحكام يعتبر هو كل الغنيمة التي يحملها مهاجرونا معهم عند العودة.
و كلما اقترب الشهر السادس يبدأ أبناء مدينتنا الأعزاء في العودة إلى أحضان عروسة الشمال فرادى وجماعات حتى تصل الأمور إلى ذروتها في الشهرين السابع و الثامن.
لا ندري فعلا كيف ستكون عودتهم هذا العام مع كل الأحداث العالمية التي أثرت على مجموع دول الاتحاد الأوروبي، من أزمة عالمية أثرت في عدد من الدول على رأسها إسبانيا، إلى أمراض ما يكاد يغادر أحدها حتى يأتي الآخر.. من الطيور إلى الخنازير.. و الله يعلم ماذا يخفي الغد.
الشيء المؤكد أن أوروبا لم تعد ذلك النعيم المقيم الذي كان يوما، و إن كنت شخصيا لم أعتبرها كذلك حتى في عز غناها، و أصبحت الوجوه – التي كانت تعود مكتنزة و مرتاحة – تعود وفي العيون تعب و كدر وحزن لا يخفى أثرها على أحد.
اعتاد إخواننا المهاجرون أن يعودوا وهم في موقف قوة: ينفقون بسخاء و يسخرون من “طرقاتنا” المهدمة ومن عدم نظامنا. لكن الأمور تغيرت كثيرا مؤخرا و بدؤوا يفاجئون بتحسن كبير من ناحية البناء والطرقات. و يصعقهم ما يرتديه الشباب هنا من ملابس يعرفون أن ثمنها في أوروبا قد يساوي نصف راتبهم وربما أكثر، وإن كانت مسألة النظام لازال فيها كلام كثير.
أصبحت تسمية “الناس د الخارج” تعوض بتسمية ” الحراكا”، و أصبحت العدوانية ضدهم هي الطاغية على تصرفات الناس هنا خصوصا بعد أن غير الجيل الثالث ( و أغلبهم فعلا مهاجرون سريون) من صورة المهاجر، و أصبحوا يعودون بسيارات مقترضة فقط من أجل أن يثيروا الغيظ في نفوس أبناء الحي و أن يثبتوا لهم أنهم قد أصبحوا أوروبيين أكثر من الأوروبيين أنفسهم. هذا، دون الحديث عن أخلاقهم المتردية و تصرفاتهم التي تجعلك تشك إن كانوا فعلا في دولة متحضرة يفترض أن يتعلموا منها أفضل ما لديها أم أنهم كانوا في دولة إفريقية تنام وتصحوا على الحروب الأهلية، التي تورث في الإنسان وحشية وسوء أخلاق لا مثيل لهما.
لم يعد أحد ينتظر ” الشوكلاط” و “الحلاوي”، و لا ملابس النصارى المتوفين التي لم تغادرها رائحة الكافور بعد! كل شيء موجود في طنجة بدءا من حلوى “الطوفيطا” إلى سيارة “الهامر” و جهاز “الآي فون”. ولم يعد أي شيء يفاجئ أو يبهر حتى أصغر طفل بالمدينة.
أغلبنا لديه أخ أو أخت أو عائلة كاملة بالخارج، و جميعنا نتمنى عودتهم سالمين و نشتاق لهم فعلا، لكنني أعتقد أن “الناس د الخارج” سيكونون أمام وضع جديد خلال الأعوام القليلة القادمة، و عليهم أن يتأقلموا معه بحكمة وهدوء كي لا يكون هناك أي أثر نفسي قد ينعكس على صلة الأرحام أو على معاملاتهم مع كل الطنجاويين بصفة عامة.
وأنا أنهي هذا المقال تمر أمامي سيارة محمل سطحها بسلع الخارج… أرأيتم؟ كما أخبرتكم في أول هذا المقال :
هاهوما بـــــــــــــــــــانو!!
عبد الواحد استيتو