التوأمة بين طنجة وغزة

لم يقدر للرأي العام الوطني وأهل غزة أن يعرفوا أن مدينة طنجة في أقصى شمال المغرب قد اختارت أن تقارب مأساة محرقة الشعب الفلسطيني بغزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة التي ظل يتعرض لها لمدة 22 يوما تحت القصف المستمر لآليات الفتك والدمار ال
لم يقدر للرأي العام الوطني وأهل غزة أن يعرفوا أن مدينة طنجة في أقصى شمال المغرب قد اختارت أن تقارب مأساة محرقة الشعب الفلسطيني بغزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة التي ظل يتعرض لها لمدة 22 يوما تحت القصف المستمر لآليات الفتك والدمار الصهيوني،

وذلك من خلال التزام أهلها بإطفاء الإنارة في البيوت والمحلات التجارية والاستعاضة عنها بنور الشمع لمدة ساعة ليلة 17 يناير 2009 بناء على دعوة موجهة من رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بجهة طنجة تطوان، حيث انخرط العديد من المواطنين تلقائيا في حملة توزيع النداءات خلال مرحلة الإعداد والتعبئة، كما استجاب السكان بنسبة عالية غطت مختلف الأحياء والمناطق السكنية بمدينة المليون نسمة، كما أقدمت المحلات التجارية في مختلف الأحياء على الانخراط في عملية الإطفاء والإغلاق المبكر من أجل بعث رسالة مسودة بالظلام لمشاركة أهالي غزة في ظلمتهم ومحنتهم التي لا تنتهي، ولم يكسر هذه الوحدة والألفة حول الظلام إلا وحدات المقاهي ومحلات الوجبات الغذائية والفنادق التي لم يتحمس أصحابها لهذه الفكرة تحت ذريعة إكراهات العمل والاستجابة لطلبات الزبناء الذين ظلت أعينهم معلقة بشاشة البلازما لمتابعة مباراة لكرة القدم الأوربية دون أن تتحرك الأحاسيس تجاه المأساة المشخصة والمعروضة على الأنظار من غير انقطاع بواسطة وسائل الإعلام السمعية والمرئية والمكتوبة، إلا أن تلك الكبوة لم تحل دون استجابة البعض من المقاهي لهذا المطلب والتعبير عن موقف المساندة من خلال التقليص من نسبة الإضاءة أو الاستعاضة عنها كليا بالشمع، وللعلم فإن قطاع المقاهي والمطاعم بطنجة كان دوما هو المعرقل الأساسي لتنفيذ عملية توحيد السكان حول فكرة (إطفاء الإنارة )احتجاجا على غلاء فواتير الماء والكهرباء خلال سنة 2004/2005.

والمؤسف أيضا أن البعض من وسائل الإعلام لم يلتفت لهذا الحدث بقصد أو دون قصد، في الوقت الذي تم الاهتمام بمختلف التظاهرات المنظمة في هذا الإطار، ولم يجرؤ أحد على التقاط مؤشرات اللحظة وتسجيل انطباعات السكان وأحاسيسهم تجاه هذه المبادرة والوقوف على مدى التجاوب الطوعي معها، ومعرفة ما إن كانت مجدية وصادقة في التعبير عن مشاعر التآزر الرمزي عن بعد مع شعب يتعرض للإبادة والتقتيل، ذلك أن الإعلام كان سيدرك أن المشاركة كانت معبرة لأن المستجيرين بالظلمة قد خصصوا عزلتهم للتفكر في إخوانهم في غزة بقلب مكلوم وروح صافية وظلوا يدعون لهم باللطف الإلهيي والثبات أمام العدو، وبالنصر المؤزر، وقد غشيتهم الفرحة حينما أعلن مساء نفس اليوم المخصص للإطفاء عن قرار وقف إطلاق النار من طرف واحد، وهو القرار الذي ما فتئ أن تعزز بإعلان المقاومة عن موقفها المؤيد لإطلاق النار وفق شروطها.

إعلان

وبهذه المناسبة التي تمتزج فيها الفرحة بالحزن والأسى، واختزالا لموقف طنجة المعبر عنه من خلال مشاركة غزة في ظلمتها، ومن خلال المسيرة الضخمة المدوية التي جابت شوارع المدينة، والوقفات الاحتجاجية المنظمة من طرف فعاليات المجتمع المدني والسياسي، ندعو رئيس الجماعة الحضرية بطنجة إلى عقد دورة استثنائية للمجلس من أجل الإعلان عن قرار للتوأمة بين طنجة وغزة يعقبه تبادل الزيارات بين من يمثل الجهتين، على أن يتولى مجلس طنجة مهمة مزدوجة، تشكيل وفد لزيارة غزة، واستقبال بعض الضيوف من أطفال غزة وممثلي بلديتها، مع وضع نصب تذكاري لملحمة بطولات سكان قطاع غزة الجريحة.

كما نتوجه بالشكر لساكنة طنجة على موقفها النبيل المؤيد لكفاح الشعب الفلسطيني عبر كل مراحله والمعبر عنه بصيغ متعددة وإبداعات لا ينضب معينها.

عن رابطة الدفاع عن حقوق المستهلك
عدسة محمد النكري – في الصورة جانب من المسيرة الكبرى التضامنية مع غزة التي نظمت بطنجة يوم فاتح يناير 2009

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...