الوزير نجيب بوليف وفضيحة التطاول على اختصاصات مؤسسة منتخبة…

كشفت صحيفة وطنية منتصف هذا الأسبوع عن فضيحة من العيار الثقيل بطلها الوزير الطنجاوي محمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالشؤون العامة والحكامة، ذلك أن السي نجيب بوليف وقع بتاريخ 8 نونبر 2012 مراسلة صادرة عن الوزارة التي يسيرها، ووجه

إعلان

مجرد توضيح.. محمد العمراني
كشفت صحيفة وطنية منتصف هذا الأسبوع عن فضيحة من العيار الثقيل بطلها الوزير الطنجاوي محمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالشؤون العامة والحكامة، ذلك أن السي نجيب بوليف وقع بتاريخ 8 نونبر 2012 مراسلة صادرة عن الوزارة التي يسيرها، ووجها بشكل مباشر إلى رئيس مقاطعة مغوغة بطنجة يطلب منه فيها بالحرف:«أحيل عليكم الشكاية المنصوص عليها جانبا للتحري في الموضوع وموافاتنا بالإجراءات المتخذة». يتعلق الأمر بشكاية وجهتها السيدة بنسعيد الكرفتي فاطمة إلى السيد الوزير نجيب بوليف تدعي فيها أن السيد عبد العزيز بنعزوز رئيس مقاطعة مغوغة لم يمنحها رخصة بناء بقعة أرضية بحي بنكيران، أحد قلاع العدالة والتنمية بطنجة.

مراسلة السيد الوزير تعتبر ولاشك سابقة في تاريخ الحكومات المتعاقبة على بلادنا، إذ لم يسبق أن تجرأ وزير على مراسلة رئيس مؤسسة منتخبة يأمره فيها بالتحري في موضوع طلب رخصة بناء وموافاته بالإجراءات المتخذة.
المثير في الأمر أن السيدة بنسعيد الكرفتي فاطمة لم يسبق لها إطلاقا أن وضعت طلبا للحصول على رخصة البناء لدى مصالح مقاطعة مغوغة أو لدى مصالح مجلس المدينة، ولم يسبق لها أن وجهت أي شكاية في الموضوع لدى مصالح ولاية طنجة باعتبارها الوزارة الوصية على الجماعات الترابية.
الأخطر من ذلك أن السيدة تدعي أن رئيس مقاطعة مغوغة رفض الترخيص لها ببناء بقعة أرضية بحي بنكيران، والحال أن العقد العدلي الذي يثبت ملكيتها للبقعة الأرضية يشير إلى شرائها لبراكة مساحتها60 متر تقع بمغوغة الصغيرة وليس بحي بنكيران.
المفاجأة الكبرى هي أن البراكة التي اشترتها المشتكية تقع فوق أرض محفظة، مما يعني أن المشتكية، وهي بالمناسبة من أنشط عضوات البيجيدي بحي بنكيران، حاولت الاستقواء بالموقع الحكومي للحصول على رخصة بناء غير قانونية.
الأغرب من ذلك كله هو بيان حقيقة الصادر عن الوزير بوليف بشأن هاته الفضيحة حيث تشبث بكونه له الحق في معالجة جميع التظلمات والشكايات التي تدخل في إطار اختصاصات الوزارة التي يسيرها والواردة عليها من مختلف شرائح المجتمع وجمعيات المجتمع المدني والهيئات المهنية انسجاما مع توجهات الحكومة الرامية للتفاعل الايجابي مع مشاكل المواطنين انسجاما مع مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية، بل زاد الوزير في بيانه أنه فيما يتعلق بالتظلمات التي تدخل في إطار اختصاصات قطاعات أخرى فإن الوزارة تكتفي بإعداد ورقة إرسال وتوجيهها إلى الإدارات المعنية قصد الدراسة والتحري وإخبار الوزارة بمآل هذه الشكايات، وختم الوزير بلاغه بكون الوزارة ستستمر في التعاطي الإيجابي مع تظلمات المواطنين، والسعي إلى رد المظالم ما لم يكن الأمر معروضا على القضاء ، ومتى تثبت وقوع حيف أو تعسف في استعمال السلطة ، أو هضم لحقوق المواطنين من قبل الإدارة .
بيان حقيقة الوزير محمد نجيب بوليف ينطوي على نزوع خطير نحو التطاول على اختصاصات مؤسسات دستورية أخرى وفي مقدمتها مؤسسة الوسيط التي أناط لها الدستور صلاحيات متابعة شكايات المواطنين من تعسف الإدارة ورد مظالمهم، كما يكشف عن تجاوز فاضح للاختصاصات المخولة لقطاعه الوزاري المؤطرة قانونا بالمرسوم رقم: 2.12.44 الصادر بتاريخ 7مارس 2012.
فالوزير بوليف ليس من اختصاصه مطلقا توجيه مراسلة بشكل مباشر لرئيس مؤسسة منتخبة، والحال أنه كان عليه احتراما للقانون أن يحيل الشكاية على وزير الداخلية باعتباره القطاع الحكومي الوصي على الجماعات الترابية للتحري في الموضوع، وكان عليه أن يوجه المشتكية إلى مصالح وزارة الداخلية لمتابعة مآل الشكاية. فالمسؤولية الأخلاقية والسياسية التي استند عليها الوزير لتبرير ما قام به، لا تمنحه الحق في الهيمنة على اختصاصات باقي المؤسسات.
غير أن الحقيقة التي سكت عنها بيان الوزير تكمن في سكوته عن كشف الملابسات الحقيقية لتوصله بشكاية السيدة بنسعيد الكرفتي فاطمة، خاصة إذا علمنا أن الشكاية لم ترد على الوزارة بطريقة رسمية بدليل أنها لم تسجل في سجل الواردات بالوزارة ولم يمنح لها رقم أي رقم تسجيل، فالحقيقة أن السيدة بنسعيد الكرفتي فاطمة باعتبارها أحد أبرز مناضلات البيجيدي بطنجة سلكت القنوات الحزبية لتسليم الشكاية إلى سعادة الوزير في استغلال فاضح للمواقع الحكومية لوزراء البيجيدي من طرف مناضلي الحزب العتيد للحصول على منافع ورخص إدارية غير مستحقة.
ما وقع يكشف عن حقيقة صادمة مفادها أن وزراء الحزب الحاكم لا يتورعون عن خرق كل القوانين الجاري بها العمل، ولا يجدون أدنى حرج في الدوس على مبادئ وقيم دولة المؤسسات حينما يتعلق الأمر بحماية مصالح مناضلي حزبهم، حيث يصبح التطاول على اختصاصات مؤسسات دستورية أمرا مباحا مادام يخدم قواعدهم، أما احترام القانون والتشبث بالصلاحيات الدستورية فيتم الاستنجاد بهما كلما تعلق الأمر بباقي أفراد هذا الشعب المغلوب على أمره، كما هو الحال بالمعطلين الذين رفض رئيس الحكومة إتمام مسطرة توظيفهم بدعوى مخالفتها للدستور وللقانون المنظم للتوظيف.
سبحان الله،
بوليف يتشبث برد الظلم الذي وقع للسيدة بنسعيد الكرفتي فاطمة من طرف عبد العزيز بنعزوز رئيس مقاطعة مغوغة، لكن بالمقابل لم يحرك ساكنا عندما حرم بنكيران المئات من المعطلين من حقهم في الوظيفة، كما لم يحرك ساكنا عندما غمرت الفيضانات العشرات من المنازل بطنجة وخلفت خسائر جسيمة للعائلات المتضررة.
ما أقدم عليه الوزير بوليف يكشف عن حقيقة فهم مسؤولي الحزب الحاكم لشعار العدالة والتنمية، فالحق في العدالة والتنمية مكفول فقط لمنخرطي الحزب الحاكم أما باقي أفراد الشعب فما عليهم إلا رفع مظالمهم للعلي القدير.
وعاشت العدالة والتنمية حزبا حاكما بوزرائه الأشاوس وبمناضليه الأشداء.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...