جعلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خلال مرحلتها الثالثة بشكل خاص، قضية تعليم الفتاة القروية في صلب اهتماماتها، حيث خصصت برامج ومشاريع لحث الأطفال على الدراسة في كافة المستويات التعليمية.
فعلى صعيد عمالة طنجة-أصيلة، فقد وجهت عدة مشاريع تنموية جهودها إلى ضمان حق الفتاة القروية في الدراسة، سواء خلال التعليم الأولي، أو بمختلف أسلاك التعليم الأساسي، إلى جانب حل معضلة النقل المدرسي والإيواء في دور الطالبة، إلى جانب الدعم الاجتماعي للتلميذات والتلاميذ المتمدرسين.
بالجماعة القروية دار الشاوي، تم خلال الموسم الدراسي الحالي افتتاح وحدة، مكونة من حجرتين ومرافق صحية، خاصة بالتعليم الأولي، حيث تستقبل 43 طفلا تتراوح أعمارهم بين 4 و 6 سنوات، حوالي نصفهم من الإناث، مع الحرص على احترام إجراءات الوقاية من تفشي فيروس كورونا المستجد.
أطفال في عمور الزهور يقصدون هذه المؤسسة لتلقي المعارف الأولى على يد أطر تربوية متخصصة، في جو حميمي يزاوج بين التعلم واللعب، إلى جانب قيامهم بأنشطة بدنية ويدوية، وانتظامهم على تحية العلم الصباحية بشكل يومي.
وأشارت ياسمين القندوسي، المكلفة بتتبع الأقسام، بالتنسيقية الإقليمية للمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي بطنجة-أصيلة، الشريكة في تسيير وحدات التعليم الأولي، أن جهود تعميم وتقريب التعليم الأولي، خاصة بالنسبة لساكنة المناطق القروية، مكنت إلى غاية الموسم الحالي من افتتاح 29 حجرة دراسية بتراب العمالة.
وتوقفت المسؤولة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عند الوقع الاجتماعي لهذه الجهود، حيث تستقبل هذه الحجرات خلال الموسم الدراسي 2021 – 2022 ما مجموعه 580 طفلا، 278 من بينهم من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 4 و 6 سنوات، موضحة أنه يرتقب افتتاح 11 حجرة إضافية قبل متم الموسم الحالي.
من جانبها، أشارت مليكة البوعناني، إحدى المربيتين بهذه الوحدة، إلى أن هناك إقبالا من الأسر على خدمة التعليم الأولي بهذه المنطقة القروية الواقعة جنوب – شرق مدينة طنجة، مبرزة أنه يتم الاهتمام في هذه المرحلة بالتطوير المتناسق للملكات الجسدية والذهنية للأطفال، عن طريق ممارسة عدد من الأنشطة التربوية والترفيهية المناسبة لفئتهم العمرية.
وأبرزت أن هذه المرحلة تروم تحضير الأطفال للالتحاق بالسلك الأول من التعليم الأساسي، وإكسابهم عادات تربوية ومفاهيم التنظيم المكاني والتوجيه، وتربية حواس من أجل التعبير اللغوي والتواصل والانتباه، إلى جانب المهارات اليدوية والتربية البدنية، والاحرف والارقام والألوان.
واستُقبل افتتاح وحدة التعليم الأولي بدار الشاوي بترحيب كبير من قبل ساكنة المنطقة التي رأت في المؤسسة فرصة لسد الخصاص الحاصل في التعليم الأولي على صعيد هذه المنطقة القروية.
وتقول أم إحدى الطفلات المستفيدات إن هذه “المؤسسة مبادرة إيجابية وفعالة كانت ساكنة المنطقة في أمس الحاجة إليها، لغياب حضانات بالمنطقة”، موضحة أنها “تساهم في تأهيل الأطفال للولوج إلى التعليم الابتدائي وهم يتوفرون على بعض الأسس المعرفية”.
وأثنت على هذا المشروع الذي جاءت به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكافة الشركاء، وعلى حسن تأطير الأطفال وتربيتهم مما سيساهم في محاربة الهدر المدرسي مستقبلا، مبرزة أن للتعليم الأولي أثر إيجابي على المستقبل الدراسي والعلمي للأطفال.
ولضمان استمرار الأثر الإيجابي لهذه الخدمة، يتم القيام بشكل دوري بحملات تحسيسية لساكنة الدواوير بجماعة دار الشاوي للتعريف بأهمية التعليم الأولي، وتعليم الفتيات بشكل خاص، لكون التعليم من أسس بناء المجتمعات.
وحسب معطيات قسم العمل الاجتماعي بعمالة طنجة-أصيلة، فقد تم إيلاء عناية خاصة بأوضاع الطفولة المبكرة، خاصة ما يتعلق بتعميم التعليم الأولي بالعالم القروي بإشراف مباشر من والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، حيث تم سنة 2019 بناء وتجهيز 10 وحدات تضم 23 قسما للتعليم الأولي، ثم فتح وحدتين سنة 2020.
وتواصلت هذه الجهود خلال سنة 2021 بتنسيق مع المديرية الإقليمية للتربية الوطنية ببناء 10 وحدات جديدة بغلاف مالي يصل إل 2,1 مليون درهم، ليرتفع العدد الإجمالي للمستفيدين إلى 758 مستفيدا، من بينهم 377 طفلة، فيما تمت برمجة بناء 4 وحدات جديدة خلال العام المقبل.