المصابيح الموفرة للطاقة في طنجة، زائر مرغوب فيه أم عدو بيئي جديد؟

في ظل توجه عالمي عام نحو الاستغناء عن المصابيح المتوهجة، التي تستهلك طاقة أكبر، واستبدالها بالمصابيح الموفرة للطاقة والمعروفة ب CFL ، يبدو أن مدينة طنجة تسير بشكل حثيث في هذا الطريق أيضا، بعد أن قررت شركة أمانديس طنجة، البدء بحملة ترويجية لهذا النوع
في ظل توجه عالمي عام نحو الاستغناء عن المصابيح المتوهجة، التي تستهلك طاقة أكبر، واستبدالها بالمصابيح الموفرة للطاقة والمعروفة ب CFL، يبدو أن مدينة طنجة تسير بشكل حثيث في هذا الطريق أيضا،

بعد أن قررت شركة أمانديس طنجة، البدء بحملة ترويجية لهذا النوع من المصابيح في شهر يونيو القادم.

كل هذا جميل مبدئيا: حفاظ على الطاقة، استهلاك أقل مما يعني فاتورة أرخص. لكن ماذا عن البعد الصحي والبيئي؟ ماذا عن مادة الزئبق التي يشتكي الكثير من المعارضين أن المصابيح الموفرة للطاقة تحتوي على نسبة كبيرة منها؟

بين مؤيد ومعارض

هناك تخوف بيئي لابأس به من التوسع في استعمال مصابيح CFL التي تحتوي على نسبة لا بأس بها من الزئبق. هذه المادة التي تتسبب في إصابة الأطفال حديثي الولادة بالتخلف إن تعرضت الأم الحامل لهذه المادة بشكل مباشر.

بل إن هناك حادثة شهيرة فقد خلالها حوالي 300 شخص الإبصار لفترة مؤقتة في إحدى الأعراس، وذلك بعد انفجار تلك المصابيح.

يقول مهندس الكهرباء في المركز اللبناني لحفظ الطاقة راني الأشقر، في تصريح لطنجة نيوز، أن مصابيح CFL تحتوي على كمية ضئيلة جداً من مادة الزئبق المعدني «5 ملغ» على عكس مصابيح الفلورسنت العادية واسعة الانتشار في المغرب والعالم العربي ككل، والتي تضم 12 ملغ من الزئبق، وكذا مصابيح التفريغ المستخدمة في إضاءة المحلات العامة والشوارع التي تحتوي على نسب أكبر بكثير من الزئبق المعدني.

أين المشكلة إذن؟

عندما تتبخر مادة الزئبق من مكبات النفايات التي تضم هذه المصابيح تعود فيما بعد إلى الأرض ومياه البحار والأنهار بواسطة الأمطار حيث تقوم كائنات دقيقة موجودة سواء في تربة الأرض أو في المياه بتحويل مادة الزئبق المعدني الى مادة ميسيل الزئبق، وهي مادة سامة وذات خطورة عالية، وكجزء من السلسلة الغذائية تتكثف مادة ميسيل الزئبق ببعض الاعشاب البرية التي تلتهمها الأسماك فتتكثف هذه المادة بأغشية الأسماك وعند قيام الانسان بالتهام الاسماك بكميات معينة يتسبب هذا في ظهور نسبة أعلى من التخلف العقلي في الأطفال حديثي الولادة الذين تناولت أمهاتهم الأسماك سالفة الذكر بكميات معينة لفترة معينة.

تبدو هذه السلسلة معقدة نوعا ما، وتعتمد على عدد من العوامل كسرعة الرياح واتجاهها ومعدلات استهلاك الأسماك في البلد المعني بالأمر. الأمر الذي يقلل وبشدة من إمكانية الإصابة بالأمراض بسبب ميسيل الزئبق خصوصا أن الدراسة التي خلصت إلى هذه النتيجة إنما تمت في مكان وزمان بعيد عن طنجة، أي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعتمد هذه الأخيرة في المحطات الحرارية على الفحم الحجري بنسبة 80٪ .

الفحم الحجري الذي يحتوي على نسبة عالية من مادة الزئبق وبالتالي فهو يسهم بنسبة كبيرة في مساعدة السلسلة الغذائية التي تؤدي إلى الأمراض التي ذكرنا.

من جهة أخرى، يتوقع أن تساهم مصابيح CFL في خفض انبــعاثات الزئــبق المتبخر بسبب توفيرها للطــاقة بنــسبة 75٪ وذلك خـلال فترة عمرها، الأمر الذي سـوف يسـاهم في الإقلال من إمــكانية توليد مادة ميسيل الزئبق السامة.

لكن هل هذا كاف للاطمئنان إلى مصابيح الCFL؟ فمن المؤكد أن صحة الفرد بالمدينة لا ينبغي التساهل فيها ولو هوت نسبة الخطورة إلى واحد بالمائة.

نصائح

يقول المهندس راني الأشقر مرشدا إلى أفضل الطرق لتتعامل مع مصابيح CFL :”تحتوي المصابيح الموفرة للطاقة، كما ذكرنا، على كمية صغيرة جدا من الزئبق تتراوح بين 2 و 5 ملغراما لكن وجب التنبيه إلى عدم كسرها بعد استعمالها بل المفروض وضعها في علبتها ورميها في سلة المهملات بطريقة تقيها من الكسر، وحتى لو حدث وتعرضت للكسر ينبغي أن تكون قد وضعت بكيس محكم الإغلاق ، كما يجب أن نعرّض الغرفة إلى الهواء لأن تجمّع الزئبق بكمية كبيرة في الجسم قد يسبّب أمراضًا”.

الكرة في ملعب أمانديس

كل هذه النصائح وغيرها، تبقى حبيسة هذا المقال، لذا يفترض بأمانديس طنجة أن ترفق حملتها التسويقية لهذه المصابيح بحملة أخرى موازية تضم توجيهات صحية وبيئية عن كيفية التعامل مع هذه المصابيح، التي نتمنى أن تحدث تغييرا ولو طفيفا في فواتير أمانديس التي يبدو أنها أصبحت فعلا من الكوابيس التي تطارد الطنجاويين ليل نهار.

إعداد: عبد الواحد استيتو


قد يعجبك ايضا
جار التحميل...