حميد النهري: متى تتخلص الدولة من رداءة المشهد السياسي المغربي؛ الأمين العام لحزب الجرار نموذجا
حميد النهري، عضو اللجنة التحضيرية وعضو المجلس الوطني لحزب "البام"
يبدو أن مسلسل الصراع بين اللجنة التحضيرية المنتخبة برئاسة الأخ سمير كودار والأمين العام المرفوض وأقليته لا زال طويلا؛ فبعد أن أحدث العد العكسي للمؤتمر الرابع فزعا وهوسا للأمين العام المرفوض، زاد هذا الفزع أكثر بعد بداية النقاش داخل اللجنة التحضيرية حول فكرة تأجيل تاريخ المؤتمر في انتظار قرار القضاء، ثم فكرة تدخل بعض الشخصيات من أجل تحقيق مصالحة ووقف هذه المهزلة التي وضعنا فيها هذا الأمين العام المرفوض.
وكما هي العادة بدأ هو وأقليته الترويج لمجموعة من المغالطات؛ من قبيل رفض وزارة الداخلية التصريح لعقد المؤتمر، وزاد من تصرفاته وقراراته العبثية.
والآن، وقد أصبح ظاهرا بجلاء أن مناضلات ومناضلي التيار المناهض لهذا الأمين العام ماضون نحو المؤتمر الرابع متى كان التاريخ، ومقتنعون بالمشروع التغييري، بل تأكد أن هذا التيار يسير قدما نحو بناء حزب حقيقي حزب المؤسسات.
لكن ما يلاحظ مرة أخرى هو العودة بقوة للمفاهيم الرديئة لشبه الرسالة الأولى للأمين العام المرفوض للتداول بين تابعيه، والذين على ما يبدو أصبحوا يعتبرونها مرجعا ينهلون منها كل الإتهامات والصفات السيئة، ويوجهونها لمناضلي ومناضلات الحزب الذين أرادوا التحرر من هذه الأمانة العامة الهزيلة وشق الطريق نحو بناء حزب مؤسسات قوية ومسؤولة.
وبذلك نجح الأمين العام المرفوض في زرع اخبت وأنذل التصرفات في أوساط أقليته حتى الذين كانوا يحسبون من عقلاء الحزب.
وفي الحقيقة لم أكن أريد أن أتطرق لهذا الموضوع، لأني اعتبرت أن تصرفات الأمين العام خلال هذا الصراع ومنذ رسالته الأولى إلى اليوم هي دائما فرصة له لمحاولة (التَّطَهُر) من فظاعة أخطاءه تجاه الحزب وتجاه المناضلين والمناضلات وتجاه المشهد السياسي المعاصر لبلادنا، لكن للأسف، هذه التصرفات زادت الأمور تعقيدا ووساخة.
ولا بد أن أشير هنا أنني كلما اطلعت على تصريحات وممارسات وتصرفات الأمين العام المرفوض منذ انتخاب اللجنة التحضيرية لرئيسها إلى اليوم ،إلا وتعود بي الذاكرة دائما إلى حوار صحفي سابق لي بتاريخ 30 مارس2017 تحدثت فيه على ضرورة تخلص الدولة من رداءة المشهد السياسي المغربي؛
وناقشت في هذا الحوار كيف أن الدولة هي التي غذت هذه الرداءة خلال العشر سنوات السابقة وأصبح ضروريا لأي إصلاح اعتماد إستراتيجية لتجاوز هذه الرداءة والتخلص منها لمستقبل أفضل لبلادنا.
واليوم؛ وأنا أعاين ما يقع في حزبنا وجدت أن ما وصل إليه الأمين العام من خلال تصرفاته يدخل في إطار رداءة سياسية من نوع خاص .
بصدق وبكل موضوعية رداءة لم يسبق لها مثيل في المشهد السياسي المغربي المعاصر.
لكن ،هنا يجب أن نعترف أننا جميعنا مسؤولون كمناضلين ومناضلات حزب البام؛وأننا ساهمنا في تغذية هذه الرداءة حتى وصلت إلى مستوى ينذر بالنذالة السياسية.
فللأسف نحن من وضع هذا الأمين العام للحزب باجتماع وانتخاب أقل ما يقال عنه انه بئيس؟
بل الأكثر من ذلك؛ فإن الرجل صدق ذلك وأصبح يتبجح وبدون خجل بشرعيته !!!!!
وها نحن اليوم نتواجد أمام أكبر رداءة سياسية يعرفها حزبنا لم يكن يتصورها حتى خصومنا ؛ والأكثر من ذلك رداءة مفتعلة من طرف أمين عام يؤكدها كل يوم بردات فعله العبثية ليظهر أنه ليس في مستوى حجم المسؤولية ؛وأنه أبان عن أحقيته بكل أنواع الصفات السلبية في القاموس السياسي.
فسكيزوفريته وضعفه جعلته أُلعوبة في يد من لا يعرف سوى أسلوب الانتقام والكولسة والفساد! وبالتالي أنتجت لنا ممارسات وقرارات غير ذات معنى .
لقد بينت انه ينهل بجلاء من قاموس رديء بل ويجتهد ويبرع في استعمال كل أساليب الانحطاط والسب والشتم.
حتى أصبحت هذه الوضعية المهزلة اليوم تفرض على كل غيور على حزب الأصالة والمعاصرة ان يخجل أن صاحب هذه الممارسات هو أمين عام الحزب!! وهو الرجل الرابع في الدولة(رئيس مجلس المستشارين).
كما تفرض علينا كمناضلين ومناضلات الحزب ضرورة تقديم اعتذار للمغاربة عن هذا المسؤول الذي أبليناهم به وأبلينا به المشهد السياسي المغربي.
فكيف بهذا المستوى الرديء والمنحط سيتكلف هذا الأمين العام بالمهام الصعبة التي تنتظر بلادنا ؟سواء على مستوى العمل الحزبي أو الرسمي؟
لقد سبق لي أن تخوفت من ذلك، وقلت أن الرجل فقد بوصلته ويمكن ان يبيع ليس الحزب فقط بل الوطن.
فالأعداء موجودون ومتربصون ببلادنا!!! وأسخياء ولهم ثروات طائلة وقدرة.
والرجل لم يعد ممكنا الوثوق به بل أكثر من ذلك إن كانت مسؤولية مناضلات ومناضلي حزب الأصالة والمعاصرة واردة لإنقاذ الحزب من هفوات ورداءة هذا الأمين العام . فإن مسؤولية الدولة أصبحت مطلوبة وبقوة لحماية مصالح بلادنا من الأعداء الذين يمكن أن يؤثروا على هذا الأمين العام ؛خصوصا وكما سبق الذكر أنهم أسخياء ويملكون المفاتيح (المصالح الشخصية قبل كل شيء وعلى حساب أي شيء……)
إن الأمين العام تخلى عن كل المرجعيات القانونية والتنظيمية المطلوبة في هذه الوضعية؛وأصبح يتخذ القرارات ويدلي بالتصريحات ويسعى لإضفاء الصبغة القانونية عليها من منظور لم نعهده في الممارسات السياسية المتعارف عليها حيث تأتي بشكل أقل ما يقال عنها أنها دون المستوى.
وباعتراف أغلب المناضلات والمناضلين؛ فإنه دائما ما كان يضرب عرض الحائط جميع قوانين الحزب؛ واغلب قراراته قاسمها المشترك عدم قانونيتها! وعبر عن ذلك في خطابه الممل يوم الاجتماع الأول للجنة التحضيرية بعبارة (إحراق الضوء الأحمر) .
لقد أوصلنا هذا الأمين العام إلى مستوى لم يعد أسلوب الحوار الحقيقي معه ممكنا؛ بل أن أي خطوة من هذا النوع ستعتبر جريمة في حق الوطن لأنه وضع كل الأدوات القانونية والتنظيمية جانبا، ولم يعد ينهل سوى من قاموس الانحطاط والكولسة لحماية مصالحه .
كما أنه دائما ما أخطأ التقدير ولم يستحضر المثل الشهير “إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة” ووجه من خلال بلاغاته وتصريحاته اتهامات إلى كل المناضلات،والمناضلين الذين اختاروا التغيير؛ فكشفت الردود حول هذه التصريحات المغلوطة عن فضائح من العيار الثقيل متورط فيها الأمين العام بالإضافة إلى (محركه)؛ هذه الفضائح ستعجل حتما بتدخل المجلس الأعلى للحسابات وتعجل بضرورة تدخل النيابة العامة.
إن هذه التصرفات والممارسات العبثية جعلت من المناضلين والمناضلات الذين صنفهم في خانة الشر يبدون أكثر تعقلا ويغضون الطرف عن الرد على هذه التصرفات مدركين مغزى حِكْمة الفيلسوف اليوناني (فيتاغورت) :
“لا تجادل الأحمق فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما ”
ومدركين أيضا أن لأمين العام وأقلية الريع الانتهازية يعرفون حق المعرفة أن هذا الجيل لن يرحمهم ولن يستعمل فقط لجنة الأخلاقيات؛ بل سيطلب المحاكمة الجنائية وسيتركون التاريخ يفعل فعلته ويضعهم في الجانب الذي يستحقونه.
لقد تبين من خلال هذا المسلسل النضالي في مواجهة الأمين العام المرفوض وبالملموس ان هناك جيل على البام أن يفتخر به؛ جيل يريد أن يخلق حزب المؤسسات؛ ومستعد لتقديم نقد ذاتي عن كل الممارسات التي من خلالها زاد الأمين العام المرفوض في رداءة المشهد السياسي المغربي.
لأن الوضع في الحقيقة وصل إلى مستوى جعل الجميع يطرح سؤالا عميقا: هل مناضلات ومناضلي البام يستحقون هذا الأمين العام؟ كما أن المرحلة تحتاج إلى إصلاحات حقيقية ترتبط بالمؤسسات لا بالأشخاص!! وتحترم النضج السياسي الذي وصله مناضلو ومناضلات الحزب وأبانوا عنه خلال اللقاءات التواصلية التي نظمتها اللجنة التحضيرية بمختلف الجهات رغم أساليب التشكيك في هذه اللقاءات التي نهجها الأمين العام وأقليته؛ والتي وصلت إلى مستوى كبير من النذالة.
إن هذا الجيل وبكل فخر كانت له الجرأة أن يقول كفى!!!! وأن المرحلة تقتضي فتح المجال أمام أغلبية المناضلات والمناضلين للمشاركة في العمل الحزبي بممارسات تحترم الشفافية الديمقراطية العدالة وتكافؤ الفرص.
وأن ذلك لن يتأتى إلا بوجود مشروع مجتمعي يتطلب ضرورة التخلص من هذه الرداءة السياسية التي زرعها هذا الأمين العام وكرسها حتى أصبحت ملازمة لتدبير حزب الأصالة والمعاصرة.
فوضعية الحزب وصلت إلى مستوى من الانحطاط لم يعد مقبولا؛ بل أصبحت نتائجها تهدد مشروعه بل وتهدد حتى المصالح العليا للبلاد .
وسيسعى هذا الجيل أيضا إلى المساهمة في تأسيس مشهد سياسي عصري يقوم على منطق إشراك المواطن المغربي في القرارات الحزبية بطريقة ديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار طموحاته و آماله وتأخذ بعين الاعتبار أيضا مستوى النضج السياسي الذي وصل إليه .
كما أن هذا الجيل مستعد أن يتجاوز التعامل مع الشعب بمنطق الوصاية والتقرير في مصيره داخل الغرف المغلقة انطلاقا من المصالح الضيقة التي تتماشى وطموحات شخصية
والأهم والضروري، أن هذا الجيل مستعد لمطالبة جميع مؤسسات الدولة( المجلس الأعلى للحسابات النيابة العامة الأقسام المكلفة بجرائم الأموال في محاكم الاستئناف تحمل مسؤوليتها والتدخل كل في مجاله من أجل ضمان مستقبل أفضل.