حكيمة أوعميرى أو “سيدة الحافلات” المرأة المغربية التي فرضت نفسها في مهنة ظلت حكرا على الرجال بألمانيا

“أن أتحكم في مقود حافلة يبلغ طولها 22 مترا، وأتحمل مسؤولية سلامة 170 راكبا بين جالس وواقف، يثبت لي أنني نجحت في ترتيب نفسي من الداخل وتجاوز فترات الأزمات التي مررت بها، كما يثبت للآخر أن المرأة المغربية قادرة على أن تحرك العالم من حولها وتقوده مهما

طنجة نيوز
“أن أتحكم في مقود حافلة يبلغ طولها 22 مترا، وأتحمل مسؤولية سلامة 170 راكبا بين جالس وواقف، يثبت لي أنني نجحت في ترتيب نفسي من الداخل وتجاوز فترات الأزمات التي مررت بها، كما يثبت للآخر أن المرأة المغربية قادرة على أن تحرك العالم من حولها وتقوده مهما كانت العقبات”. هكذا عبرت حكيمة أوعميرى، سائقة حافلات مدينة دارمشتاط الألمانية عن قيمة وأهمية هاته المهنة بالنسبة لها.

حكيمة أوعميرى، أو “سيدة الحافلات” كما يفضل أن يناديها بعض الركاب، من المغربيات القليلات في ألمانيا اللواتي اخترن مهنة كانت ولفترة مقتصرة على الرجال، وهي أيضا المرأة الوحيدة من أصول مغربية التي تقود الحافلة في مدينة درامشتاط.

اختيار حكيمة لهاته المهنة جاء كتحدي لبعض المشاكل العائلية والأزمات النفسية التي مرت بها في فترة من حياتها في ألمانيا، كما جاء تحقيقا لحلم قديم منذ أن كانت طفلة في المغرب.

إعلان

وتقول حكيمة ابنة قرية أربعاء أوقبلي التابع لعمالة أزيلال في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء ” لو لم أكن سائقة حافلة في ألمانيا، لكنت سائقة حافلة في المغرب، إنه حلم طفلة. ولدت في أسرة كانت على موعد دائم مع التنقل بين المدن المغربية بحكم عمل الأب. هذا التنقل أو السفر المتكرر جعلني شغوفة جدا بالحافلات، لكني لم أحلم أبدا أن أصبح سائقة حافلة في ألمانيا”.

فحكاية حكيمة مع الحافلة بدأت وهي طفلة بمسقط رأسها، ونمت في منطقة القصيبة التي تبعد ب 45 كلم عن مدينة بني ملال حيث كانت تتابع دراستها، وتحققت في ألمانيا منذ خمس سنوات وبالضبط في مدينة درامشتاط التي تبعد عن فرانكفورت ب 36 كلم، وذلك بعد أن اتمت بنجاح تكوينها كسائقة إلى جانب 21 متدربا كلهم من الرجال.

وتحكي حكيمة مبتسمة أنها كانت تحاول جاهدة، خلال فترة التدريب، ألا تبدو أقل أو أضعف من الآخرين، خصوصا أنها كانت تتحمل مسؤولية أخرى وهي الاهتمام بابنها الوحيد الذي كان من دوافع عزيمتها وقوتها.

ففترة التكوين تضيف حكيمة لم تكن سهلة، حيث كان هناك الكثير من الرجال ، ومنهم مغاربة أيضا ، ينظرون لها على أنها في المكان والمهنة غير المناسبين لها، متغافلين بذلك جانب القوة الذي تتمتع به المرأة، حيث كان عليها أن تثبت لهم أنها على قدر كبير من المسؤولية والثقة في النفس، وهذا ما حققته وتعتز به، لأنها بشكل أو بآخر تساهم من جهة في تقديم صورة المرأة الأمازيغية المغربية كما تقدم من جهة أخرى صورة إيجابية عن اندماج المرأة المغربية وتكسير الصور النمطية اللصيقة بها. لذلك فعملها كسائقة لا زال يثير الكثير من الدهشة خصوصا عند الألمان، في حين تبدي المغربيات اللواتي يعرفنها الكثير من الاعجاب والافتخار.

مواظبة وتميز حكيمة في عملها جعلها نموذجا ومثالا تعتمد عليه شركة النقل التي تعمل فيها، لتكون صورتها في واجهة بعض حافلات مدينة دارمشتاط، في دعوة إلى الالتحاق بالشركة والعمل كسائقة أو سائق.

حلم حكيمة لا يتوقف عند الجلوس خلف المقود، مع أنه عالمها وفضاؤها الذي تحس فيه بكينونتها، بل يتجاوز ذلك إلى الحلم بالحصول على تكوين ودبلوم خاص بالمواصلات و السير في المستقبل القريب، وأيضا نقل خبرتها في هذا المجال إلى المغرب من خلال تنظيم ورشات مفتوحة مع سائقين مغاربة.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...