الأصولية وأزمة الثقافة العربية
تعيش الثقافة العربية أزمة تواصل فعلي حقيقي، إذ لا مكان لها في الحضور الإعلامي ، حيث استحوذت السياسة والرياضة على وسائل الإعلام لذلك صار الإبداع آخر ما يفكر فيه الإنسان العربي و في الوقت الذي يعاني فيه المثقف العربي من أزمة متعددة الأبعاد ،
تعيش الثقافة العربية أزمة تواصل فعلي حقيقي، إذ لا مكان لها في الحضور الإعلامي ، حيث استحوذت السياسة والرياضة على وسائل الإعلام لذلك صار الإبداع آخر ما يفكر فيه الإنسان العربي و في الوقت الذي يعاني فيه المثقف العربي من أزمة متعددة الأبعاد ،
، ليس بؤس الواقع أقلها ، فإن ضياع الحلم بالتغيير بات من شبه المؤكد؛ لكل ذلك بات المثقف العربي أكثر انسحاقاً من قبل ، بين أنظمة تعسفية تطارده، وأصولية تكفِّره، مما ترتب عنه هذا الوضع الذي وجد فيه المثقف العربي نفسه بين مطرقة السلطة وسندان الأصولية أما الطريق الأخرى المتبقية للمثقف فهي المنفى إن وجد إليه سبيلاً.
إلا أن ثمة قلة اختارت البقاء، مفضلة السكوت. وهؤلاء، رغم حسن نواياهم إلا أنهم صاروا في عداد الساكتين عن الحق؛ لأن المثقف الحقيقي لا يرتضي لنفسه دور الشيطان طويلاً، وهذا يفسر سبب وجود العديد من المثقفين العرب خارج حدود الوطن. إن أزمة هؤلاء تكمن في كيفية أقناع المثقفين الآخرين في العمل معهم نحو تغير الواقع الرديء .
يشير المؤرِّخ التونسي هشام جعيط بان أحد أبرز الأسباب التي ساهمت في أزمة الثقافة الإسلامية الصدمةُ التي سببتْها الحداثةُ داخل المنظومة الثقافية العربية. وحِدَّة هذه الأزمة تكمن في أن هذه الحداثة وافدة؛ إذ هي وليدة حضارة أخرى مغايرة ومختلفة، وقد أدخلت اضطرابًا على الفرد وقلقًا على المجتمعات الإسلامية، فارتفعت الطمأنينة واهتزت المفاهيم، وتحولت المجتمعات العربية إلى مجتمعات مرتعشة. وبهذا خرج علينا ما يسمى بدعاة حراس النوايا الذين بدلا من أن يبحثوا في كيفية تحصين ثقافتنا العربية والمساهمة في تحريكها، تخندقوا داخل شعارات عريضة أسهمت في زرع مزيدا من الخوف والقلق في نفس الإنسان العربي بعدما شنوا حربا شعواء على المطالبين بعدم الاكتفاء بالنظر الى الوراء لأن الواجب يحتم علينا الآن النظر الى المستقبل إلا أنهم اتهموا كل من خالفهم خطهم بالعمالة مرة او بمصطلحات غريبة وعجبية مرة أخرى مثل التغريب والعمالة للغرب مرة أخرى. ونتيجة لهذا الرعب الذي زرعوه في النقزس ولدت الاصولية من رحم الخوف او بذور زرعها اعداء الحضارة العربية .
إن العديد من الحركات الأصولية / وهذا ما لم يعد خافيا على أحد هي نتاج “السي اي ايه” و لعل أبرز مثال على ذلك ” القاعدة” التي تم تسليحها وتمويلها من قبل الدوائر الأمريكية الخاصة بالجاسوسية ومن وراءها الحركات الصهيونية.. وما جلبته القاعدة على العالم العربي والإسلامي من كوارث لا تحصى ولا تعد . أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولكن من يتتبع هجوم الحركات الأصولية في عالمنا الأسلامي وتحديدا في عالمنا العربي على المثقف العربي و الحركات الفكرية والثقافية المحايدة في البلدان العربية تجعل فكرة “حسن النية” سذاجة.
نعرف أن المثقف أول من يراد تدميره في إي حرب خاصة وأنه ضمير الأمة وصوتها وقد سخرت تلك القوى الحركات الأصولية لغرض قمع المثقف العربي وقتله متسلحة بأكثر السيوف حدة ” الدين تحت شعار التكفير أو التخوين وبهذا تكون الأصولية قد قتلت ضمير الأمة وصوتها وباتت الأمة منقسمة على نفسها لتصبح فريسة للطائفية كما يحدث الآن في العراق أو تقع فريسة الفقر والجهل كما يحدث في غزة/ فلسطين . “
و قد أنتج كل هذا فكرا تكفيريا يحاول الهيمنة على المنتديات الأدبية والثقافية المنتشرة على الانترنيت لتسخيرها لبث الظلام في القلوب و الأبصار كما حدث أخيرا في منتدى ” واتا ” / الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب حيث قامت مجموعة من الذئاب الأصولية في هذه الجمعية بالهجوم على قصائدي وحذفتها تحت ذرائع حقيرة مثل قلوبهم السوداء المليئة بالعفن والبغضاء . وليس هذا فحسب بل تهجم الجماعة على القاص والمترجم المبدع التونسي ابراهيم الدرغوثي بدعوى أن نصوصه إباحية تخدش الحياء العام و تفسد الأخلاق الحميدة للمجتمع المسلم . أما الشاعرة المغربية مالكة عسال فإنها نالت قسطا من التجريح لمجرد أنها دافعت عن قصيدتي و نفت عنها ما ادعوه من خروج عن الدين . و رغم تدخل الشاعر الفلسطيني الكبير هلال الفارع ومحاولته إقناع هؤلاء بقساد آرائهم وبعدها عن الموضوعية و النقد العلمي النزيه إلا أنهم استمروا في غيهم دون أي واعز أخلاقي أو حجة قانونية او شرعية تدعم كلامهم المتهافت .
إن مثل هؤلاء لن يتورعوا لفرض منظورهم للأدب و الحياة على تحريض شاب لقتل من يخالفهم رؤاهم الظلامية وقد فعلوا ذلك عندما حرضوا على قتل فرج فودة في مصر وكثير من مثقفي الجزائر رمن انتشار إرهابهم في بلد المليون شهيد أو عندما ملأوا رأس صبي في مصر بعنفهم الدموي وفكرهم الظلامي و دفعوا به ليقتل واحدا من أشهر كتاب هذه الأمة / نجيب محفوظ
بقلم فكري ولدعلي
Fikri_press@hotmail.fr