طنجة: خادمات “الموقف” .. أجر زهيد واستغلال جنسي

الساعة تشير إلى السابعة صباحا والمكان إحدى الساحات بمدينة طنجة. تتوافد النساء من مختلف الأحياء ليتسابقن على الوقوف بجوانب هذه الساحة على شكل مجموعات.

هنا صوتك *
الساعة تشير إلى السابعة صباحا والمكان إحدى الساحات بمدينة طنجة. تتوافد النساء من مختلف الأحياء ليتسابقن على الوقوف بجوانب هذه الساحة على شكل مجموعات.

يترقبن تحركات الأشخاص والسيارات من حولهن، وما أن يلمحن سيارة مارة بجانبهن، حتى يتجمعن حولها. بعدما تختفي السيارة عن الأنظار، ينقلب الوضع إلى مشاجرات حادة مصاحبة لأصوات مرتفعة، ويعاد هذا السيناريو مرات ومرات في اليوم عند قدوم أية سيارة. لا تسمع سوى جملة واحدة تتكرر مرارا :”واش بغيتي شي خدامة؟” حينها تفهم أنهن “خادمات الموقف”.

خادمات الموقف
خادمات “الموقف” نساء قست عليهن الظروف وحرمتهن من أدنى شروط العيش. لم يجدن باباً يطرقنه سوى الوقوف في بعض الساحات العمومية في انتظار زبون يصحبهن للخدمة في بيت أو في حقل مقابل أجر يومي.

تستيقظ جميلة كل صباح وتتجه إلى مكانها اليومي تتحرى رزقها رفقة زميلاتها. “جميلة” 37 سنة، مطلقة وأم لثلاث أطفال، قادمة من مدينة سيدي قاسم (وسط). بعدما ضاقت الدنيا في وجهها، قصدت مدينة طنجة للبحث عن فرصة عمل تؤمن لها ولأولادها مستلزمات العيش، فلم تجد عملا يأويها سوى العمل كخادمة الموقف.

تستيقظ في الصباح الباكر لتترك أطفالها مع جارتها وتخرج كالمعتاد إلى عملها غير المضمون، على حد قولها. لا تدري إن كانت ستتاح لها الفرصة في ذلك اليوم أم ستظل طوال النهار جالسة على الرصيف وتعود خائبة الأمل. تدخل على أولادها وهي متوجعة لأنها لم تستطع جلب ما يسد رمقهم لذلك اليوم. ذكرت جميلة أنه إضافة إلى معاناة الانتظار، فهي تخوض أحيانا شجارات مع زميلاتها حين يقترب زبون ما لينتقي واحدة من “الواقفات” حسب شروطه، فتبدأ الشجارات حول من سيتقدم إلى الزبون. وفي عملية السباق، تبدأ القصة التي تصل أحيانا إلى عراك لا ينتهي غالباً إلّا بتدخل أمني.

ظروف العمل
“لطيفة”، 34عاماً، غير متزوجة، ومسؤولة عن أمها التي تعاني من شلل في رجليها ولا معين لها سواها، فهي ابنتها الوحيدة. تقول إن الانتظار يستغرق ساعات طويلة قبل أن يقع عليها الاختيار من طرف المشغل. وهنا تبدأ معاناتها، حيث تقول: “يعدني الزبون في البداية بأعمال محدودة وبثمن معين، ولكني أكتشف حال وصولي لمكان الشغل، أن أعمالا إضافية تنتظرني، لم يذكرها الزبون من قبل. نعامل كآلة كهربائية وليس كأناس نتعب وتتألم.”

وجه آخر
إذا كانت بعض الخادمات يخترن “الموقف” قصد البحث عن لقمة العيش، فثمة خادمات من نوع آخر يرتدين قناع الخادمة لأغراض أخرى. لم تعد هذه المهنة مقتصرة على البحث عن لقمة العيش، بل وصلت إلى تعاطي الدعارة وامتهان السرقة، كما تؤكد “لطيفة”. والزبون هو من يدفع الثمن، حيث يجد نفسه أمام مشكلة عويصة، فبعد ما كان يبحث عن خادمة للتنظيف أو ما شابه من أعمال منزلية، أصبح يتجول بين مخافر الشرطة للتبليغ عن سرقة أو جريمة، أو تبرئة نفسه من تهمة الدعارة.

* تنشر هذه المادة في إطار الشراكة المعقودة بين المجلة الإلكترونية طنجة نيوز والقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...