حرية الصحافة.. تتقدم في دول “الربيع” وتتراجع خارجها

اصدر معهد فريدم هاوس اليوم تقريره السنوي حول حرية الإعلام في العالم الذي يشمل 192 دولة. ولأول مرة منذ ثماني سنوات لم تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تراجعا عاما في حرية الصحافة. وكان للربيع العربي تأثير إيجابي مباشر على دول ثلاث هي مصر وتونس و

اصدر معهد فريدم هاوس اليوم تقريره السنوي حول حرية الإعلام في العالم الذي يشمل 192 دولة. ولأول مرة منذ ثماني سنوات لم تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تراجعا عاما في حرية الصحافة. وكان للربيع العربي تأثير إيجابي مباشر على دول ثلاث هي مصر وتونس وليبيا بينما تذيل الترتيب كل من السعودية وسوريا.

تقدم حذر
يقوم المعهد بتصنيف الدول إلى ثلاث فئات، فئة الدول الحرة وفئة الدول الحرة جزئيا وفئة الدول التي تنعدم فيها الحرية. وقد انتقلت كل من مصر وتونس وليبيا من صنف الدول التي تنعدم فيها حرية الصحافة إلى فئة الدول الحرة جزئيا. وفي المقابل تراجعت الدول العربية الأخرى في الترتيب أو حافظت على مكانتها في خانة الدول التي تنعدم فيها حرية الصحافة. ويصف مدير معهد فريدم هاوس السيد دافيد كرامر تقدم ترتيب الدول الثلاث بغير المكتمل وأوصى بمتابعة تطور حرية الصحافة بهذه البلدان. وحذر من ان البلدان العربية التي مازال يسود فيها الاستبداد تتخذ موقفا دفاعيا وتحد من حرية الصحافة خشية هبوب رياح التغيير العربية.

تونس
تأتي الدول الاسكندينافية كالعادة في المراتب الثلاث الأولى. وحافظت لبنان على الريادة في العالم العربي وجاءت في المرتبة 108 تليها تونس بالمرتبة 110 وتأتي مصر في المرتبة 123 وليبيا في المرتبة 134.وفي حديث لإذاعة هولندا العالمية صرح الإعلامي التونسي عبد الحق طرشوني أن الإعلام التونسي شهد تقدما ملحوظا بعد سقوط نظام بن علي. وأصبح الإعلام العمومي منفتحا على الجميع وبعيدا عن التدخلات الحكومية . “الصحفي لم يبق خاضعا لرئيس التحرير أو حتى مدير القناة نفسها” يقول السيد طرشوني. وصرح أيضا أن هذا الانفتاح يجب أن يستغل بطريقة جيدة حيث أن هامش الحرية الجديد أدى إلى الوقوع في العديد من الأخطاء المهنية بسبب عدم تعود الصحفيين على الوضع الجديد. ونادى بضرورة الاستثمار في الصحفي وفي مفهوم الحياد والاستقلالية وخلق جيل جديد من الصحافيين قادرين على مواكبة الديمقراطية.

المغرب وقطر
وتأتي الأردن في الرتبة 145 في خانة الدول التي تنعدم فيها حرية الصحافة ينما تحتل قطر المرتبة 151 والمغرب الرتبة 154. ويصف الصحفي المغربي علي أنوزلا المرتبة المتأخرة للمغرب بتحصيل حاصل. فحرية الصحافة في المغرب حرية مشروطة ومقيدة وان الصحفيين “يخضعون لقانون صحافة مجحف حتى الدولة لا تحترمه وتعتمد على القانون الجنائي لتكميم أفواه الصحفيين كما حدث للصحفي رشيد نيني الذي حوكم بسنة سجنا”. وقلل السيد أنوزلا من الدور التي تلعبه الصحافة المستقلة حيث نزع منها صفة الاستقلالية وقال إنها صحافة خاصة تلعب دور العلاقات العامة أكثر منه العمل الصحفي الجاد. وأشار إلى وجود خطوط حمراء لا يستطيع الصحافي التعاطي معها كالمؤسسة الملكية وعلاقة السلطة بالمال وقضية الصحراء والحريات الفردية. وأشار بوجود رقابة ناعمة للتحكم في الصحف: “الدولة وأقصد هنا المؤسسة الملكية تتحكم في موارد الإعلانات من اجل منح امتيازات لصحف أو إخضاع وخنق اخرى” يقول علي أنوزلا. ويرى أن الأمل الوحيد في التغيير يبقى في المواقع الالكترونية التي تحاول الرفع من سقف الحرية الواطئ بعد أن تحكمت الدولة في وسائل الإعلام العمومية.

وفي تعليقه عن الرتبة المتدنية لدولة قطر الحاضنة لقناة الجزيرة يقول علي أنوزلا إن “الإعلام القطري موجه للخارج وليس للداخل ولا يختلف عن إعلام الدول الاستبدادية. الإعلام القطري لا يتطرق إلى مواضيع الشأن الداخلي وطبيعة النظام. بل حتى الخوض في شأن دول الخليج يبقى مرهونا بالنظام وتوجهاته.” وتطرق السيد أنوزلا إلى أن الصحفي العربي في قطر لا يتمتع بالاستقلالية ويبقى تحت سلطة الكفيل التي اعتبرها نظاما عبوديا.

السعودية وسوريا
تأتي السعودية في المرتبة 184 كما واصلت سوريا تراجعها لتحل في المرتبة 189 حيث لم يبق أسوأ من الوضع السوري إلا ثلاث دول. ويوضح هذا التراجع الإشكالية البنيوية فيما يتعلق بتراجع حرية الإعلام في سوريا حتى قبل اندلاع الإحداث فيها. ووصف خالد ابراهيم من مركز الخليج لحقوق الإنسان الوضع الإعلامي بالسعودية بالكارثي. وقال: “النظام السعودي قمعي وشمولي بامتياز”. وأوضح أن الصحف تخضع للسلطة ولا يوجد شيء اسمه صحافة حرة. وأضاف أن الرقابة تطال حتى مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتم اعتقال الصحفيين بطريقة منتظمة.

انتهى التقرير إلى أن حرية الصحافة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد تراجعا بنيويا بصفة عامة. وعبر عن ضرورة مواكبة التحول الديمقراطي في كل من مصر وتونس وليبيا التي تقف في مفترق الطرق.

إذاعة هولندا العالمية *
* تـُنشر هذه المادة في إطار الشراكة المعقودة بين المجلة الإلكترونية طنجة نيوز والقسم العربي في إذاعة هولندا العالمية.

قد يعجبك ايضا
جار التحميل...