معرض بطنجة يقدم 60 سنة من إبداع الفنان الفرنسي إرنست بينيون-إرنست
ينظم المعهد الثقافي الفرنسي بالمغرب، فرع طنجة، إلى غاية 30 نونبر المقبل، برواق دولاكروا معرض إرنست بينيون-إرنست، والذي يلخص 60 سنة من إبداع هذا الفنان الفرنسي الذي يعتبر من رواد الفنون الحضرية.
ويقترح المعرض، المنظم ضمن تظاهرة مسار الفنون بطنجة التي انطلقت في 1 أكتوبر الجاري، مجموعة من الصور لإبداعات الفنان الفرنسي في مدن بقارات العالم الخمس، والتي جعلت من الشارع فضاء تشكيليا وشاعريا ومتخيلا يخاطب الصور الدفينة في الذاكرة.
وأفادت ورقة تقديمية للمعرض أن إرنست بينيون-إرنست، الذي ولد سنة 1942 بنِيس ويعيش ويشتغل في باريس. ييعد أحد رواد الفن الحضري، حيث يتميز برسومه المتفردة، ويقوم فنُه منذ أكثر من خمسين سنة على إلصاق صور نساء ورجال بحجم طبيعي على جدران مدن العالم بأكمله، ساعيا إلى تسليط الضوء على منسيي التاريخ، وعلى الإشكاليات السوسيو-سياسية مع الكشف عن العمق الرمزي للأمكنة التي يوظِّفها في أعماله.
وأضاف المصدر نفسه بأن إرنست بينيون-إرنست يخوض بتفان مذهل، منذ ستينات القرن الماضي مستبقا بعدة عقود كل الأشكال التي تصنف اليوم بكونها “فن الشارع”، مغامرة غيرَ مسبوقة في تاريخ الفن، تجمع بين التحكم في الجانب التقني، والنزاهة الوجودية وملكة الحلول الشاعري في العالم.
وتتحقَّق في مساره الفني لهذا المبدع تلك المعادلةُ المتوازنة بين المتطلَّبات الأخلاقية، التي لا مجال فيها للتنازلات والمهادنة والتنكُّر للواقع، والتعبير الفني الفذ، المحْكَم والمجدِّد، إلى حد أن بعض صوره خاصة “المعدمون بالرصاص من أفراد الكومونة” و”رامبو المتسكع”، التي اسْتُنْسِخَت آلاف المرات، أصبحت أيقونات حقيقية لأزمنتنا العصرية.
وأضافت الورقة أن صور إرنست بينيون-إرنست، بفضل قوة بنيتها، كما لو أنها متعالية عن الزمن، وبفضل حدة انغراسها في الواقع، تجعل من الشارع فضاء تشكيليا وشاعريا ومتخيلا يخاطب الصور الدفينة في الذاكرة، وتجعل الأمكنة والأزمنة هي العمل الفني نفسه، وتسمو بها من وضعية الأشياء المبتذلة إلى مرتبة العمل الفني، ولكن من دون وساطة المتاحف.
من الشيلي إلى سوويطو، ومن الجزائر العاصمة إلى نابلس، ومن فلسطين محمود درويش إلى شاطئ أوستي، حيث اغْتيل بازوليني، ومن الإجهاض إلى التهميش، ومن السيدا إلى الهجرة، فإن مواجهةَ مآسي عصرنا، واستكشاف المصائر الفردية المتمردة على المعايير، وأيضا بعض الأساطير التي يتوجب بث الحياة فيها من جديد، يتطلبان كل مرة خوض مغامرة غير مسبوقة، هي نفسها التي أرَّقت الشاعر رامبو وهو يلْهث للعثور على المكان والصيغة.
وخلصت إلى أننا اليوم أمام أكثر من 60 سنة من الإبداع كموضوع للاكتشاف، والتي تفرض نفسها عبر عشرات الكتب وآلاف الإيضاحات، التي سرعان ما تتحول إلى شهادات متفردة، عن إبداع لم ينفكّ يجمع بين العرَضي الزائل والحاضر الدقيق للذاكرة والأمكنة، حيث لخص هذا الأمر الفنان نفسه حين قال “لا أصنع أعمالا ضمن وضعيات، بل أحاول أن أبدع أعمالا من الوضعيات نفسها”.